انا كمثل اي فرد من المجتمع، يفضل ان يشارك برأيه لمستقبل أفضل للمجتمع ولوطنه. وتجتهد الحكومات المختلفة في الاستماع لآراء المواطنين والتواصل معهم بطرق مختلفة على سبيل المثال في استبيانات للرأي العام او من خلال قنوات التواصل مثل مراكز الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي او من خلال المواقع الالكترونية او بوسائل وطرق مختلفة كثيرة ولكن هذا يكون تقييم للرأي بعد صنع القرار الذي اتخذته الحكومة بالفعل. وقد تكون هذه القرارات صائبة الى حد كبير أو غير فعالة أو استثمار خاطئ في مواقف اخرى.
فكيف يتم اشراك المواطن في صنع القرار؟
ومن هنا جاءت على مدار العصور فكرة المجالس، على سبيل المثال في القرى يمكن ان تكون قد عاصرت مجلس القرية والذي يهتم بشؤون القرية ويرى مشاكل الفلاحين والعاملين ويحاول توصيلها للمركز او المدينة. كما ان جاءت فكرة مجالس الشعب حتى من قبل بداية التاريخ الميلادي والتي مازالت حتى عصرنا هذا تهتم بصياغة القوانين واستجواب ومناقشة الحكومة واختيار الحكومة. وتطورت مجالس الشعب على مدى العصور على النحو التنظيمي وانتخاب الاعضاء والمسؤوليات والتي قد تتشابه في معظم الدول.
قد تكون افكار مجنونة للتطبيق وخصوصًا لأن هناك اختلاف بين الشعوب وبعضها في مدى الوعي ومدى التخصص في الأمور، فعلى سبيل المثال ليس كافة أطراف الشعب لديهم المعرفة الكافية في الاقتصاد، الصحة، التعليم، التكنولوجيا، والخ من علوم الحياة والتي تجعل تطبيق دور فعال للشعب كافة في اتخاذ القرار على حد سواء صعب وغير قابل للتنفيذ.
تساؤلات
لكن يبقى لدى بعض التساؤلات للتأمل خصوصا في عصر التحول الرقمي وامكانية التواصل الالكتروني والحضور ومشاركة الرأي وحتى الانتخاب الالكتروني، وتكون التساؤلات كالتالي، متى يمكن ان يكون هناك تغيير جزري في اشراك ومشاركة جميع افراد المجتمع ليمثلوا أنفسهم في الحياة السياسية وصنع القرار ومراقبة الحكومة، هل فعلا نحتاج الي مجلس شعب؟ هل يمكن ان نجد نظام رقمي لترتيب اولويات واجندات الحكومة على اساس احتياجات الشعب الفعلية وليست مجموعة منتخبة من الشعب؟ هل يمكن ان يكون الشعب هو مصدر القرار الفعلي ويمكن ان يقييم ويتخذ القرار بالبدء في مبادرة ا، مشروع محدد ام لا؟
لكن هل يمكن التطبيق؟ في حدود علمي ارى انه يمكن تطبيقه بمنظومة رقمية ذاتية التعلم التلقائي ومبنية على تكنولوجيا البيانات المتسلسلة والتي من خلالها يمكنها تمييز الاختصاصات وتحدد من يشارك ومن لا يمكنه المشاركة لافتقاره العلم والدراية الكافية، وتكون المشاركة عشوائية من مجموعة من المتخصصين، ومن خلال تعلم المنظومة يمكنها تلقائيا اعادة ترتيب المتخصصين والمواطنين الفعاليين ومكافأة المتخصصين ذات الرأي الصائب والحائز على تقدير المتخصصين الاخرين بزيادة قوة مشاركتهم مقارنة بالمتخصصين الأخرين، بالإضافة لمعاقبة من هم يسيئوا الاستخدام ومحاولة تغيير القرار لاي اسباب او اهواء ويكون لهم تأثير اقل في عملية التقييم او الاستبعاد لمدة محددة. وقد تكون حافز للمجتمع لنشر المعرفة والوعي والتعلم للمشاركة في القرارات الهامة.
وتكون هذه العملية تلقائيا يحددها النظام الرقمي بمرونة، يتعلم ذاتيا ويبني لكل فرد في المجتمع ملفه السياسي ومدى مشاركته وتخصصاته وما هي المواضيع التي يمكنه الاطلاع عليها والمشاركة برأيه فيها. وبنفس المنطق، يمكن اشراك مجموعة المتخصصين لصياغة قانون جديد او تعديلات قانونية ويفصل بين الصائغين لمحتوي القانون وبين المراجعين والموافقين بحيث يقوم بالفصل التام بين العمليات لضمان النزاهة والمصداقية ومشاركة اكبر عدد ممكن. او في اختيار الكفاءات والعناصر القيادية التنفيذية.
تخيل أنك أحدٍ المتخصصين في مجال الاستثمار وتم تعيينك تلقائيا مع مجموعة من ٢٠ شخص لصياغة قانون او تعديل قانون خاص بالاستثمار، يمكن بكل سهولة رفض المشاركة ويقوم النظام بتعيين متخصص اخر. أو عند قبول الانضمام، تشترك في الصياغة مع المجموعة، وتكون كل مجموعة الصياغة والمراجعين والموافقين لديهم نفس المحتوى ويمكنهم مشاركة التعديلات لحظيا وطلب الاستعانة بأفراد اخرين في نفس التخصص او تخصصات اخري مطلوب لهذا القانون ويتم مراقبة ذلك من النظام تلقائيا حتى اكتمال القانون وعرضه على كافة افراد المجتمع والمتأثرين من القانون للمشاركة المجتمعية والوعي.
وقت تتلقى طلب مراجعة خطة استراتيجية او طلب تنفيذ مشروع جديد من الحكومة وتكون جميع التعاملات والتحليلات متاحة في هذه المنظومة والتي تساعد المتخصصين المرشحين للمراجعة والموافقة، مثل هل تم طرح هذا المشروع من قبل، ما هي التكلفة والعائد منه وفوائد المشروع، ما هي المشروعات الأخرى المتواجدة حاليا لدى نفس الجهة المنفذة، ما هو موقف تنفيذ هذه المشروعات، ما هي خطة الحكومة للتنفيذ ومن المعلومات الأخرى التي تبني لوحة اتخاذ للقرار للمشاركين تساعدهم على القرار بدون انحياز.
أحلام غير واقعية
قد تكون احلام وافكار مجنونة ولكن يمكن تحقيقها وليس بالضرورة على مستوى الدولة ولكن يمكن على مستوى المدن او المحافظات، كيف تشرك المواطنين وليس فقط باستطلاعات رأي بعد التنفيذ ولكن المشاركة في اتخاذ الرأي ونشر الوعي الكافي للمواطنين على التغيير الذي يحدث لزيادة التجاوب والتفاعل بدلا من الاعتراض والمقاومة والآراء والتعليقات السلبية على صفحات ومجموعات مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبح لا حصر لها.
هي تساؤلات وافكار للتأمل اتمنى ان ارها تطبق في اي دولة في المستقبل، فمن الغريب اننا في هذا العصر من التقدم العلمي والتكنولوجي وما زلنا نتبع نظام برلماني تم اختراعه من قبل التاريخ الميلادي.
ولست ادعي انه نظام غير فعال ولكن مع التطور والتغيير المتاح اعتقد انه قد حان الوقت لإعادة التفكير والـتأمل في الطرق والمنظومات الاعتيادية الي تعودنا على وجودها وتوارثتها الاجيال واصبحت في عقائدنا بدون تساؤلات وماذا بعد؟ وما القادم في المستقبل؟ وهل هذه الوضع الحالي هو الأمثل؟ وهل سيكون على نفس الفاعلية في مستقبلا؟
Also published on Medium.